«مدونة منوعة تُقدّم مقالات، حقائق، أبحاث، ومراجعات أفلام وثائقية. محتوى قيم ومُرتّب يناقش مفاهيم في الثقافة، التعليم، والعلم بأسلوب جذّاب ومُوّثَق.

اخر الاخبار

الأربعاء، 13 أغسطس 2025

مرض السكري: أسبابه، أنواعه، أعراضه، وطرق الوقاية

 


مقدمة

يُعد مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم، وهو حالة صحية معقدة تؤثر على قدرة الجسم على استخدام أو إنتاج هرمون الإنسولين بشكل صحيح، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم. تشير الإحصائيات العالمية إلى أن عدد المصابين بالسكري يتزايد بوتيرة مقلقة، حيث يتوقع أن يصل عددهم إلى مئات الملايين خلال العقود القادمة. ولا يقتصر تأثير المرض على الصحة الجسدية فحسب، بل يمتد ليشمل الصحة النفسية، والقدرة على ممارسة الأنشطة اليومية، بل وحتى الاقتصاد والصحة العامة للمجتمعات.

ما هو مرض السكري؟

السكري هو اضطراب في التمثيل الغذائي (الأيض) يتمثل في ارتفاع مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم لفترة طويلة. يلعب الإنسولين، وهو هرمون يُفرَز من البنكرياس، دورًا أساسيًا في إدخال الجلوكوز من الدم إلى خلايا الجسم لاستخدامه كمصدر للطاقة. وعندما يعجز الجسم عن إنتاج ما يكفي من الإنسولين أو لا يستخدمه بكفاءة، يتراكم الجلوكوز في الدم، مسببًا مضاعفات خطيرة على المدى الطويل.


أنواع مرض السكري

هناك عدة أنواع رئيسية من مرض السكري، ولكل منها أسبابه وخصائصه:

1. السكري من النوع الأول

  • السبب: يحدث بسبب خلل في الجهاز المناعي يؤدي إلى تدمير خلايا البنكرياس المنتجة للإنسولين.

  • الانتشار: غالبًا ما يصيب الأطفال والمراهقين، لكنه قد يظهر في أي عمر.

  • العلاج: يعتمد على حقن الإنسولين مدى الحياة.

2. السكري من النوع الثاني

  • السبب: يرتبط عادةً بعوامل وراثية ونمط حياة غير صحي، حيث تصبح خلايا الجسم مقاومة لتأثير الإنسولين أو لا يُنتَج بكمية كافية.

  • الانتشار: هو النوع الأكثر شيوعًا، ويصيب البالغين بشكل أكبر، إلا أن نسبته تزداد بين الشباب بسبب السمنة وقلة النشاط البدني.

  • العلاج: يبدأ عادةً بتغيير نمط الحياة، وفي بعض الحالات يُستخدم الدواء أو الإنسولين.

3. سكري الحمل

  • السبب: يظهر خلال فترة الحمل نتيجة التغيرات الهرمونية التي تؤثر على استجابة الجسم للإنسولين.

  • الانتشار: يصيب بعض النساء الحوامل، وغالبًا ما يختفي بعد الولادة، لكنه يزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني مستقبلًا.

4. أنواع أخرى نادرة

تشمل السكري الناتج عن أمراض البنكرياس أو اضطرابات هرمونية أو نتيجة استخدام بعض الأدوية.

أسباب وعوامل الخطر

تختلف الأسباب بحسب نوع السكري، لكن هناك عوامل مشتركة تزيد من احتمالية الإصابة، منها:

  • العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للمرض.

  • السمنة وزيادة الوزن: خاصة في منطقة البطن.

  • قلة النشاط البدني: الجلوس لفترات طويلة وعدم ممارسة الرياضة.

  • النظام الغذائي غير الصحي: الإكثار من الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون المشبعة.

  • التقدم في العمر: خاصة بعد سن الأربعين.

  • التوتر النفسي المزمن: الذي يؤثر على الهرمونات ومستوى السكر في الدم.


أعراض مرض السكري

قد تظهر أعراض مرض السكري بشكل تدريجي أو مفاجئ، وتشمل:

  1. العطش الشديد وكثرة شرب الماء.

  2. التبول المتكرر، خاصة في الليل.

  3. الجوع المستمر رغم تناول الطعام.

  4. فقدان الوزن غير المبرر.

  5. التعب والإرهاق المستمر.

  6. تشوش الرؤية.

  7. بطء التئام الجروح.

  8. التهابات متكررة في الجلد أو اللثة أو المسالك البولية.


مضاعفات مرض السكري

إهمال علاج السكري أو عدم ضبط مستويات السكر في الدم قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها:

  • مشاكل في القلب والأوعية الدموية: مثل تصلب الشرايين والنوبات القلبية والسكتة الدماغية.

  • اعتلال الكلى: قد يصل إلى الفشل الكلوي.

  • اعتلال الأعصاب: الذي يسبب ألمًا أو وخزًا في الأطراف.

  • مشاكل في العين: مثل اعتلال الشبكية، الذي قد يؤدي إلى العمى.

  • قرح القدم: التي قد تتطور إلى بتر في الحالات الشديدة.

  • ضعف المناعة: مما يزيد من خطر العدوى.

تشخيص مرض السكري

يعتمد التشخيص على مجموعة من الفحوصات، أهمها:

  • اختبار سكر الدم الصائم: قياس مستوى الجلوكوز بعد الصيام لمدة 8 ساعات.

  • اختبار تحمل الجلوكوز الفموي: قياس مستوى السكر بعد تناول محلول سكري.

  • اختبار الهيموجلوبين السكري (HbA1c): يعطي متوسط مستوى السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

  • فحوصات إضافية: للكشف عن مضاعفات محتملة.

علاج مرض السكري

يختلف العلاج باختلاف النوع، لكن الهدف واحد: ضبط مستوى السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي لتجنب المضاعفات. يشمل العلاج:

  • الإنسولين: خاصة في النوع الأول وبعض حالات النوع الثاني.

  • الأدوية الفموية: لتحفيز إنتاج الإنسولين أو تحسين استجابة الجسم له.

  • تعديل نمط الحياة: ممارسة الرياضة، وتناول غذاء صحي، وخفض الوزن.

  • المتابعة الطبية: لإجراء الفحوصات الدورية ومراقبة المضاعفات.

الوقاية من مرض السكري

رغم أن بعض أنواع السكري لا يمكن الوقاية منها، فإن النوع الثاني يمكن تجنبه أو تأخيره من خلال:

  1. الحفاظ على وزن صحي.

  2. اتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضروات، والفواكه، والحبوب الكاملة، وقليل السكر والدهون.

  3. ممارسة النشاط البدني بانتظام (30 دقيقة يوميًا على الأقل).

  4. الإقلاع عن التدخين.

  5. إدارة التوتر النفسي من خلال أساليب الاسترخاء.

التعايش مع مرض السكري

التعايش مع السكري يتطلب وعيًا كاملًا بطبيعة المرض وطرق السيطرة عليه، ويشمل:

  • مراقبة مستويات السكر في الدم بانتظام.

  • الالتزام بالعلاج الموصوف من الطبيب.

  • التعرف على أعراض انخفاض وارتفاع السكر والتصرف السريع عند حدوثها.

  • الانضمام إلى مجموعات دعم للمرضى لمشاركة التجارب والاستفادة من الخبرات.

خاتمة

مرض السكري ليس حكمًا بالإعاقة أو العجز، لكنه يتطلب التزامًا مدى الحياة بأسلوب حياة صحي وعلاج منتظم. بالوعي والوقاية يمكننا الحد من انتشاره، وبالإرادة والدعم يمكن للمصابين أن يعيشوا حياة طبيعية ومنتجة. فالتحكم في مرض السكري هو مسؤولية مشتركة بين الفرد والمجتمع، تبدأ بالمعرفة وتنتهي بالعمل على تحسين الصحة العامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق